ردّ هادئ على ما ورد من السيد الياس بولاد تغييراً للوقائع!

عدد القراءات 1045
2019-05-24

ردّ هادئ على ما ورد من السيد الياس بولاد تغييراً للوقائع!!
د. ريم منصور الأطرش
في العام 1992، حصلتُ على منحة من اليونسكو، لسنة كاملة، من أجل تحقيق بحث عن الحرير في سوريا. ولقد تمّ نشر هذا البحث باللغتين العربية والفرنسية في وزارة الثقافة في دمشق، في العام 1996، بعنوان: (الحرير في سورية: لواء اسكندرون، سورية ولبنان).
ومن ضمن مراجعي التي استخدمتُها في هذا البحث، كتاب (قصة الحضارة) ل ويل ديورانت، وكتاب (خطط الشام) ل محمد كرد علي، وكتاب (التاريخ الاجتماعي للوطن العربي: بلاد الشام: السكان، الاقتصاد والسياسة الفرنسية في مطلع القرن العشرين: قراءة في الوثائق، طرابلس الغرب)، معهد الإنماء العربي، 1980، للدكتور وجيه كوثراني؛ وغيرها من كتب ودوريات بالعربية والفرنسية والإنكليزية. وقد ورد في كتاب الدكتور كوثراني المذكور آنفاً، في الصفحة 101 :"تركّز إثر التدخّل العسكري الفرنسي الأول (1860) وانطلاقة زراعة التوت وتجارة شرانق وخيوط الحرير في متصرّفية جبل لبنان بفضل الرساميل الفرنسية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر"...
كما أني كنتُ أتحدث في هذا البحث مع خالي، المحامي الأستاذ نبيل الشويري، وقد لفت نظري حينها، في العام 1992، إلى العلاقة الوثيقة بين طوشة العام 1860 والحرير، الذي كان يشكّل حينها ثروة اقتصادية سورية عظيمة. كما أنه لفت نظري، إلى أن مسيحيي الميدان في دمشق لم يمسسهم سوء، كما حدث لمسيحيي الحي المسيحي في دمشق، وقد كانوا تجاراً وصنّاعاً للحرير، خلال الطوشة... وكان رأيه أن السبب هو أن مسيحيي الميدان كانوا تجاراً للحبوب، ومنهم أجداده، أي أجداد أمي، ولا علاقة لهم بالحرير لا من قريب ولا من بعيد! وقد حدّثني حينها عن الدور الإيجابي الذي لعبه الأمير عبد القادر الجزائري في حماية مسيحيي دمشق من التقتيل؛ ثم قال لي حينها، بما معناه: "هذه المعلومات سمعتُها من أبي عن جدي! فحاولي يا ابنة أختي الإشارة من بعيد إلى هذا الموضوع في بحثك، نظراً لأنّ المعلومات شحيحة عنه"!
وهذا ما فعلتُه بالفعل في خاتمة كتابي (الحرير في سورية)؛ كما أني في المقدمة، أشرتُ إلى الدور السلبي الذي لعبه الانتداب الفرنسي في سوريا، ما أدّى إلى تراجع الحرير واستيلاء الفرنسيين على الشرانق!
بعد نشر كتابي في العام 1996، ظللتُ أتابع موضوع طوشة العام 1860 وعلاقتها بالحرير، فوقع تحت يدي، في أواخر تسعينيات القرن العشرين، كتاب الأمير موريس شهاب، وهو بعنوان (دور لبنان في تاريخ الحرير)، بيروت، الجامعة اللبنانية، 1968؛ وكتاب ليندا شيلشر، بعنوان (دمشق في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر)، ترجمة عمرو الملاح  ودينا الملاح، دمشق، دار الجمهورية، 1998؛ والباحثة الألمانية شيلشر قالت في كتابها: "ستظل حوادث العام 1860 الطائفية موضوع بحث طالما بقيت محاضر تحقيقات فؤاد باشا غير متاحة؛ ذلك أنه يكاد أن يكون من قبيل المستحيل القيام بدراسة مستفيضة للأسباب الكامنة وراء أعمال الشغب وأثنائها، دون الرجوع إلى هذه الوثيقة الأساسية"، في الصفحة 113.
 
وفي آذار من العام 1998، ذهبتُ إلى مدينة ليون الفرنسية للبدء بأطروحة الدكتوراه عن الترجمة في جامعة ليون الثانية، جامعة النور. حينها، زرتُ الحيّ الذي يضمّ صنّاع الحرير وتجاره، وصوّرت العمل هناك، وأذكر أني تحدّثتُ إلى أحد صنّاع الحرير، وصاحب ورشة لحلّ خيوط الحرير في شارع ليه كانو، فعرف أني من سوريا، وحدّثني عن أهمية الحرير السوري، خاصة أنه يعرف قصصاً عنه من والده وجدّه. ثم اشتريتُ كتاباً بالفرنسية من هناك بعنوان  La soie: Art et Histoire, Lyon, La Manufacture, 1986.(الحرير: فن وتاريخ) للكاتب  Algoud  Henri  الذي ورد فيه في الصفحة 38 ما ترجمتُه: لقد اجتاح فرنسا، إذن، وخاصة في الوسط والجنوب منها، مرض جديد، أصاب دودة القز، هو "مرض الأرجل السوداء" إضافة إلى أمراض أخرى قديمة ومعروفة سابقاً، مثل "الكلسة" وغيرها. اجتاح هذا المرض الجديد مواسم دودة القز هناك. ولم يستطع لويس باستور التوصّل إلى حلّ طبي ناجع للقضاء على مرض الأرجل السوداء، إلا في العام 1865: إذ قام باستور بتعليم مربّي دودة القز الوسيلة الناجعة لمكافحة الأمراض الخطيرة التي أصابت يرقتها، وذلك باختيار بذور الدودة السليمة.
 
واستمرّ اهتمامي بهذا الموضوع، إلى أن جاءني يوماً من أيام حزيران من العام 2004، إلى المركز الثقافي الفرنسي، حيث كنتُ أدرّس في شهادة الترجمة المسمّاة "دوتفا"، بعد حصولي في حزيران من العام 2003 على الدكتوراه في الترجمة من جامعة النور، جامعة ليون الثانية، زميلي في جامعة دمشق، السيد الياس بولاد، وقدّم لي كتابه الذي ترجَمه إلى العربية، وهو بعنوان (تاريخ الفنون والصناعات الدمشقية)، قائلاً لي بما معناه حينها: "أنتِ تطرّقتِ إلى علاقة الحرير بطوشة العام 1860 في كتابك الحرير في سورية، لذلك أهديكِ كتابي هذا الحاوي على شهادة أحد أقاربي من عائلة بولاد، الذي عايش طوشة العام 1860". كما أنّ السيد بولاد زوّدني بصورة عن الصفحة 269 من قاموس فرنسي بعنوان (قاموس الجغرافيا القديمة والحديثة)، المطبوع في باريس في العام 1854، الذي يرد فيه تحت اسم دمشق، أنها " المدينة الأكثر أهمية والأكثر تصنيعاً في المشرق. وقد أعطت اسمها للمنسوجات الحريرية التي يتسابق الغربيون على شرائها..."
في شباط من العام 2006، حضرتُ مع صديقتي غادة الأشقر ووالدتها، في قاعة المحاضرات في بطريركية الروم الكاثوليك في دمشق، حارة الزيتون، محاضرة للسيد بولاد بعنوان "هل كانت حوادث العام 1860 في دمشق ولبنان فتنة دينية أم مؤامرة سياسية غربية؟"، وقد اعتمد فيها المحاضِر على كتابه الآنف الذكر والمنشور سنة 2003 في دمشق. وأذكر حينها أن مدير الندوة الدكتور شوقي المعرّي، منع الأسئلة المباشرة، وطالب الحضور بكتابة الأسئلة لمن يريد، وللمحاضِر الإجابة عليها أو لا. كان هذا نوعاً من التوجّس لدى المسؤولين عن هذه الندوة، على ما يبدو! ولم يتمّ حينها طرح أيّ سؤال، على ما أذكر... وقد استغربتُ ذلك كثيراً!!
في أواخر العام 2011، اتصل بي من بيروت مسؤولو المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، حيث كنتُ أعمل به في دمشق، طالبين مني المشاركة في الندوة التي ينظمونها في بيروت، في تشرين الأول من العام 2011، عن أحداث العام 1860؛ لكني اعتذرتُ لهم بسبب عدم استطاعتي ترك أمي وحدها حينها في دمشق، واقترحتُ مشاركة السيد الياس بولاد بدلاً عني. وهذا ما تمّ فعلاً.
في الأول من أيلول من العام 2013، قدّمتُ محاضرة في المركز الثقافي العربي في السويداء بعنوان "سوريا بين طوشتين: في منتصف القرن التاسع عشر والألفية الثالثة"، والتي طوّرتُها في ما بعد، بعد أربع سنوات، في أواخر العام 2017، إلى بحث بعنوان "طوشتا سوريا من أجل تدمير اقتصادها: طوشة العام 1860 في سوريا والحرب عليها بدءاً من العام 2011"، وهو منشور على موقعي الإلكتروني، ضمن مقالات مختلفة. استشهدتُ في محاضرتي ثم في بحثي، بأبحاثي ومعلوماتي وقراءاتي، ومنها كتاب السيد بولاد ومحاضرته: وقد ذكرتُ كل ذلك في محاضرتي ثم في بحثي! بعد محاضرتي تلك، اتصلت بي إلى السويداء السيدة هيام الحموي من إذاعة شام إف إم، وسألتني على الهواء مباشرة عنها، فلخّصتُها لها، وذكرتُ السيد بولاد وكتابه ومحاضرته.
حينها، كان السيد الياس بولاد يستمع من دمشق إلى هذه المقابلة الإذاعية مع أصدقائه، ومن بينهم السيد أوجا أبو الذهب، فاتصلوا بي من دمشق وأثنوا على ما قلتُه وعلى ذكري للسيد بولاد أيضاً، من دون أي أنانية. فأجبتهم بأنّ هذا طبيعي.
حين بدأتُ بكتابة روايتي "إلى آخر الزمان" في السويداء، رغبتُ في الحديث عن طوشة العام 1860 وعمّا يحدث الآن وهنا في سوريا، كما فعلتُ خلال محاضرتي؛ اتصلتُ حينها من السويداء إلى دمشق وطلبتُ من السيد الياس بولاد أن يسمح لي بوضع محاضرته في ثبت المراجع، لكنه رفض بسبب توجّسه حينها من تلك المعلومات!! وصدرت روايتي في العام 2014، من دون ذكر لمحاضرته، احتراماً لرغبته تلك.
قدّمتُ له روايتي الأولى هدية، كذلك روايتي الثانية "حرير الروح شآم" التي وضعتُ كتابه مرجعاً في ثبت المراجع فيها، كذلك فعلتُ في روايتي الثالثة "شآم الياسمين"، إذ ذكرتُه أيضاً في ثبت المراجع... كان ذلك بين الأعوام 2014 و2017... وقد التقينا عدّة مرّات خلال تلك السنوات، ولم يلفت نظري إلى أنه غيّر رأيه وهو يريد مني ذكر محاضرته في العام 2006 ، في ثبت مراجعي وفي أي مكان أتحدّث فيه عن هذا الموضوع، بالإضافة إلى كتابه!! علماً أني ذكرتُه أيضاً في مقابلتي على شام إف إم مع السيدة هيام الحموي في برنامجها "بنص الجو" في 16 نيسان 2016!
لذلك، استمررتُ في ذكر كتابه فقط في مقابلتي في أجراس المشرق عن الحرير في الشام، التي تمّ تسجيلها في أوائل تشرين الثاني من العام 2017، وقد ذكرتُ اسمه وكتابه في الدقيقة ( 27.55 ) وما بعدها، وحين وصلتُ إلى ما يخصّ محاضرته، قلت "على عهدة بعض الباحثين"، من دون ذكر محاضرته، لعلمي أنه لا يريد ذلك منذ العام 2013! وأذيعت مقابلتي تلك على قناة الميادين في أوائل العام 2018. كذلك الأمر في مقابلتي مع الأب زحلاوي في برنامجه (لدينا ما نقوله) على قناة سوريا دراما، والتي تمّ تسجيلها في غرفة الأب زحلاوي، لكني لم أشاهدها حين تمّ بثّها...
مؤخراً، في 8 أيار 2019، كان لديّ لقاء في مدرسة البشائر الوطنية كي يحاورني طلابها في الصفّين العاشر والحادي عشر عن روايتي "شآم الياسمين"، فذكرتُ السيد بولاد ومحاضرته وكتابه...
بعد هذا التاريخ، وبالصدفة البحتة، علمتُ من صديق لي بأنّ السيد الياس بولاد يقول على صفحته على الفيسبوك إني أخذتُ أفكاره ولم أذكره كمرجع!!!!
عاتبتُه على الواتس آب، فأصرّ حينها على أنّ عليّ ذكر محاضرته أيضاً، ولا يكفي كتابه! فسألته عن السبب الذي لم يجعله يلفت نظري طوال تلك السنوات إلى رغبته "المستجدّة" تلك!!!
صحيح أننا لم نلتقِ منذ أكثر من عام، ولم يحدث بيننا أي اتصال، لكنه كان بإمكانه لفت نظري خلال السنوات 2014، 2015، 2016، و2017 التي كنّا نلتقي فيها من وقت إلى آخر!
وها هو للأسف يلومني على صفحته على الفيسبوك، على أمر لم أفعله! فتأمّل يا رعاك الله!!

اقرأ أيضاً

أنا... لا أدري!!!
" ظمئ الشرق.... فيا شام " ...... آه !!!
رسالة للسيد(ثاباتيرو) رئيس وزراء إسبانيا
رد السيد( ثاباتيرو)على رسالتي
سلطان باشا الأطرش .... عذراً
إذا أردت أن تطاع فسل ما يستطاع
دروس مسفوحة!
من قرطاجة إلى بغداد
متحف للأمم المتحدة
"أتلانتيد"… القارة المفقودة !

ط¸ظ¹ط¸â€¦ط¸ئ’ط¸â€ ط¸ئ’ ط·آ§ط¸â€‍ط·آ¥ط¸â€ ط·ع¾ط¸â€ڑط·آ§ط¸â€‍ ط·آ¥ط¸â€‍ط¸â€° ط·آ§ط¸â€‍ط·آµط¸ظ¾ط·آ­ط·آ§ط·ع¾ :