عدد القراءات 1644 2015-09-09 بقلم : د. ريم منصور الأطرش روح الباشا سلطان ما يزال في السويداء "سلطان"
بقلم د. ريم منصور سلطان الأطرش
"قطوع، ومضى..."، هكذا يُقال، اليوم، عما جرى في السويداء، بين الجمعة 4 أيلول والاثنين 7 أيلول 2015.
هذه الفترة العصيبة التي مرّت بسلام على السويداء وأهلها، أهلنا الأحباء، لا بدّ لها من أن تُكَرَّر، ولكنْ بأشكالٍ، وتحت مسمّيات مختلفة، فقوى الشر لم تيأس بعدُ!
فيا أهلي، ويا أحبائي، في جبل العرب الصامد... تنبّهوا... فالمُعَوّل على وعيكم ووطنيتكم، كثير وكثير جداً...
إن البيان الذي صدر، وتمّ نشره على المواقع الألكترونية، بعد اغتيال الشيخ وحيد البلعوس وصحبه، هو تجسيد لحركة "سنديان" التي نبّهنا إليها، في مقالة تحذيرية، بعنوان (احذروا حركة سنديان يا أبناء جبل العرب)، نُشِرَت في جريدة الأخبار اللبنانية، في 26 تشرين الثاني من العام 2014.
إذن، هذه الحركة المُمَوَّلة من الخارج، المتمثِّل بمحور الشر، الذي ادّعى نفاقاً بأنه من أصدقاء سوريا، هدفها وضع السويداء تحت حكم ذاتي وحظر جوي، بهدف اعتبارها منطقة خارج نطاق الدولة، مع المطالبة بفتح ممرات آمنة إلى الأردن!!
هذه الحالة هي حالة تقسيمية موصوفة لإقامة "دويلة درزية"، رفضها، في العام 1920، بالرغم من كل الإغراءات، سلطان باشا الأطرش، القائد العام للثورة السورية. ولم يعدْ خافياً على أحد الهدف من مثل هذا التقسيم!
منذ بدء ما سُمِّيَ ب "الربيع العربي" في العام 2011، شاركت السويداء في التظاهرات المطلبيّة المُحِقّة، وتحمّل مَنْ نزل إلى الشارع، كل نتائج هذه التظاهرات السلميّة... غير أن السويداء، بقضّها وقضيضها، لم ترفع السلاح في وجه الدولة، بل نبذت القلّة القليلة التي رفعت السلاح في وجه الجيش العربي السوري، فلم تجد تلك القلّة ملاذاً لها في سويدائنا الحبيبة...
لماذا؟ لأن أهل جبل العرب الأشمّ ما يزالون يحتفظون، في ذاكرتهم الجمعية، بموقف نبيل جسّده سلطان باشا الأطرش في شتاء العام 1954، حين رفض رفع السلاح، وقد كان قادراً على ذلك لو أراد، في وجه الجيش السوري الذي قام بحملة على الجبل، بأمر تحريضي من العقيد أديب الشيشكلي آنذاك، قائلاً جملته الشهيرة: "هؤلاء أولادي... أنا أرفض أن أواجههم بالسلاح، فسلاحنا ضد الأجنبي الغاصب فقط"!
جينها، ذهب سيراً على الأقدام، في عزّ تساقط الثلوج، من ضيعته، القريّا، إلى الأردن... كان له من العُمْر حينئذٍ 66 سنة... ولدى وصوله إلى الحدود الأردنية، أرسلتْ له الحكومة هناك سيارة مرفوعاً عليها العَلَم البريطاني، فرفض الركوب فيها، رغم أنه ملاحَق، وأن حياته كانت في خطر... ولكنْ، لا، حتى في أحلك الظروف، الباشا سلطان لا يلجأ إلى الأجنبي! فاضطرت الحكومة الأردنية إلى إرسال سيارة أخرى مرفوع عليها العَلَم الأردني... فقَبِلَ أن يستقلّها مع صحبه، ودخلوا إلى الأردن... بقي الباشا سلطان هناك إلى أن سقط الشيشكلي وخرج من البلاد!
يبدو أن روح الباشا سلطان ما يزال في السويداء "سلطان"!
فتحيّة لأهلنا الكرام في السويداء، الذين، ورغم الفجيعة، عَقْلَنوا الحالة ودعوا إلى التهدئة وإلى وأد الفتنة التي كان مُخطَّطاً لهم أن يقعوا في حبائلها الخبيثة!
وهذا، في رأيي، سوف يتكرّر بطرق مختلفة لإيذاء سوريا، انطلاقاً من قلبها، من السويداء...
فاحفظوا التهدئة يا أهل جبل العرب وحافظوا على رجاحة العقل والتنبّه والحذر... وتمسّكوا بسوريا الواحدة القوية، المقاوِمة، ومستقلّة القرار، كما هي، بفضلكم، أنتم الشرفاء الوطنيين، وبفضل مَنْ مثلكم من أهلها الآخرين الشرفاء.
اقرأ أيضاً
|