عدد القراءات 1741 2015-01-07 بقلم : د. ريم منصور الأطرش "إزّاي الحال يا بيه؟!" د. ريم منصور الأطرش
جملة رددها مرات عدة الفنان المصري الكوميدي العبقري الراحل فؤاد المهندس في إحدى مسرحياته؛ وضمن سياق المسرحية، كانت تعني: "ألم أقل لك؟! لمَ لم تستمع إلى تحذيري لك؟!"
اليوم، حين شاهدتُ على وسائل الإعلام ما حدث من عمل إرهابي شنيع ومستنكَر وسط باريس بحق المؤسسة الإعلامية "شارلي إيبدو"، قفزت هذه الجملة فوراً إلى ذهني.
لماذا؟ لأن السيد لوران فابيوس، وزير خارجية فرنسا كان يقول إن ما يقوم به الإسلامويون في سوريا هو أمر جيد!، ولأن الإدارة الفرنسية ومن ورائها الإدارة الأوروبية والغربية بشكل عام، لم تعلن استنكارها مطلقاً، طوال أربع سنوات، لعمليات الإرهاب التي قام بها الإرهابيون في سوريا، وراح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء السوريين والفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين؛ ولأن هذه الإدارة ذاتها والتي تسمع "دبّة النملة" في بلادها، غضّت الطرف عمداً عن جحافل الشبان والشابات المسافرين من أوروبا إلى تركيا للالتحاق بالإرهاب في سوريا والعراق؛ ولأن هذه الإدارة ذاتها لا ترى إرهاب الكيان الصهيوني والتمييز العنصري ضد الفلسطينيين في فلسطين، لكنها ترى الصاروخ المنطلق من قطاع غزة على المستوطنات الإسرائيلية وتعتبره إرهاباً.
في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، كنتُ أعطي، في دمشق، دروساً باللغة والأدب العربيين لدبلوماسي فرنسي رفيع المستوى، من اليسار الفرنسي، وكان الإرهاب يضرب سوريا آنذاك، وكان هذا الدبلوماسي يبرر هذا الإرهاب. فقلتُ له يومها: "لن تعرف ما نعانيه إلا حين يحدث الأمر ذاته وسط باريس". وفعلاً، وقعت أعمال إرهابية، استنكرناها آنذاك كسوريين، في باريس في أواسط الثمانينيات. فأرسل إليّ هذا الدبلوماسي قائلاً: "ريم، كنتِ على حق". غير أني لم أردد أمامه جملة "إزّاي الحال يا بيه؟!" وقتها، حرصاً على مشاعره وتعاطفاً مع الشعب الفرنسي.
اليوم، وبعد كل هذا الدمار والخراب والقتل الذي لحق ببلدي وبمنطقتنا العربية بشكل عام، أتوجّه إلى الإدارة السياسية الأوروبية والفرنسية بشكل خاص لأقول لها، ويشهد الله من دون أدنى شماتة، "إزّاي الحال يا بيه؟!"... إلا أني أتوجه إلى الشعب الفرنسي طالبةً منه أن يحاسب إدارته على ما اقترفته من إجرام بحق الشعب السوري والعراقي وكل شعوب المنطقة، ثم على ما اقترفته بحق شعبها، فهي المسؤولة الأولى عما جرى من قتل في "شارلي إيبدو"... فقد حان وقت الحساب، فالإرهاب الذي دعمته هذه الإدارة ارتدّ على شعبها... أطالب الشعب الفرنسي بألا تتحكّم به بعد الآن أمثال هذه الإدارات، كي لا يردد أحد على الشعب الفرنسي والأوروبي يوماً جملة: "إزّاي الحال يا بيه؟!"
اقرأ أيضاً
|