أصداء قراءتي لرواية ريم منصور الأطرش "إلى آخر الزمان"

عدد القراءات 1938
2014-06-09

بقلم : د. صادق فرعون

أصداء قراءتي لرواية ريم منصور الأطرش

"إلى آخر الزمان"

أحب أن أعترف أن القراءة والمطالعة كانت ومازالت أمتع هواية لي في هذه الحياة, وقد ازدادت بقدر كبير في السنوات الثلاثة الأخيرة ولعل مبعث ذلك هو محاولة الهرب من المصيبة الكبيرة التي مرّت ومازالت تمر بها بلادنا، وهو أيضا الانطلاق إلى عوالم أخرى أكثر تفاؤلا تخفف عنا ما نعانيه وما يعاني منه الوطن العربي ولا يدري أحد متى لهذه المأساة أن تنتهي وللفجر أن ينبلج.

سعدت كثيرا بقراءتي لهذه "الرواية الذاتية" التي تروي فيها الدكتورة الرائعة ريم منصور الأطرش قصة حب ندر مثاله في أيامنا هذه التي قلّ فيها من يعرف الاخلاص والوفاء والمحبة الصادقة والمشاعر النبيلة التي لا تبليها الأيام. تروي ريم قصة حب رائعة عايشتها طيلة حياتها بين شابٍ عربي أصيل ومخلص وصادق الظاهر والباطن: هو أبوها الأستاذ منصور بن سلطان باشا الأطرش وهو ووالده، زعيم الثورة السورية على المستعمر الفرنسي، غنيان عن التعريف. روت ريم قصتها وقصة حب والديها الذي استمر حتى آخر لحظة من حياة هذين المحبين في أربعة عشر فصلا. في البدء كيف كانت ولادتها في أيار 1960 بعد ولادة أخيها "ثائر" بثلاث سنين وكيف كانت أيام طفولتها ووالدها مشغول ، ليلَ نهار، في القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي وأمها مشغولة في التدريس وكيف اكتشفت ريم وأدركت أن زواج أبويها قد أثار سخط عائلتيهما (عائلة أبيها المسلمة الموحّدة وعائلة أمها المسيحية الأرثوذكسية) وإلى مقاطعتهما للعريسين للعديد من السنين بسبب هذا الزواج الذي اخترق خطوط "التابو". تتالى أحداث هاتين العائلتين اللتين كانتا جيرانا ومعارفَ بل وأصدقاء ولكن وحسبما كانت تقضي أعراف تلك الفترة، وربما مازالت، ألا يحدث تزاوج ما بين العائلتين بسبب اختلاف الدين. ولكن ما العمل وقد نما حب صادق وحقيقي ما بين الشاب منصور والفتاة الشابة هند وبقي هذا الحب صامتا وخفيا على أهليهما على مر السنين حتى بلغا مرحلة قررا فيها أن يتزوجا بدون انتظار أية موافقة من الطرفين القريبين-البعيدين! وهذا ما حصل. الرواية مليئة بالأحداث المثيرة والعواطف المفعمة والصادقة التي تدور في أماكن عديدة، بعيدة وقريبة: دمشق والقريّا والاسكندرون وحيفا وفلسطين والنكبة وفرنسا...وغيرها من بلاد الله الواسعة. لو تُرك الأمر لي لنسخت الرواية بأكملها ليستمتع بها القارئ، كل قارئ، كما استمتعت بها..

"إلى آخر الزمان" ليست مجرد رواية ذاتية.. إنها كنزٌ ثرٌ بالعواطف النبيلة والأحداث المثيرة وتحليلٌ لكثير من المشاكل والأمراض التي يعاني منها مجتمعنا من ضيق في التفكير وتعصبٍ أعمى للعنعنات المذهبية والدينية والعادات السيئة التي عانى منها مجتمعنا، وما زال، والتي كان لها دور كبير في الكارثة التي عانى ويعاني منها بلدنا سوريا وكذلك معظم البلاد العربية والتي تحتاج إلى جيل جديد صحيح العقل والفكر، متعلمٍ وواسع الآفاق الفكرية حتى ينقذ وطننا العربي الكبير مما وقع فيه، نتيجة المؤامرات الكبيرة الأمريكية – الصهيونية، "الويلات الأمريكية المتحدة" كما أسمتها بحقٍ ريم، وحتى نبدأ عهدا جديداً نعيد فيه أمجاد حضارتنا العربية التليدة ونعود شعاعاً منيراً للإنسانية حتى يعمّ السلامُ الأرضَ ويزول ظلم واستبداد من يدعون ويظنون أنهم "شعب الله المختار" بينما هم وراء كل الكوارث التي رُزئ بها وطننا العربي، بل والعالم أجمع، وما يزال. خلال هذه السنوات الثلاثة التي عانى فيها وطننا سوريا من أكبر الكوارث وأبشعها والتي زادت بسببها قراءاتي الكثيرة من كل الاتجاهات، لم أشعر بسعادة تماثل أو تقرب من سعادتي وسروري بقراءة هذه الرواية الذاتية لريم الأطرش والتي تنبع من قلب صافٍ ومن روح عربية أصيلة وهذا ما دفعني لكتابة هذه الكلمات القليلة لأعبر فيها عما أشعر به ولأشجع كل الأصدقاء وكل من يقرأ كلماتي هذه أن يبادر للحصول على نسخة منها ويقرأها وأنا قمينٌ من أن كل من سيقرأها سيستمتع بها وسيشجع معارفه على قراءتها.

الجارة الكريمة الدكتورة ريم، والابنة العزيزة وابنة أكرم الكرام شكراً على هذا النفَس الطيب وهذه المشاعر النبيلة وهذا الاسلوب الشيق والممتع والجذاب وبانتظار المزيد من عطائك الأدبي الرفيع.

د صادق فرعون 9/6/2014 sphar.frcog@gmail.com


اقرأ أيضاً

أنا... لا أدري!!!
" ظمئ الشرق.... فيا شام " ...... آه !!!
رسالة للسيد(ثاباتيرو) رئيس وزراء إسبانيا
رد السيد( ثاباتيرو)على رسالتي
سلطان باشا الأطرش .... عذراً
إذا أردت أن تطاع فسل ما يستطاع
دروس مسفوحة!
من قرطاجة إلى بغداد
متحف للأمم المتحدة
"أتلانتيد"… القارة المفقودة !

ط¸ظ¹ط¸â€¦ط¸ئ’ط¸â€ ط¸ئ’ ط·آ§ط¸â€‍ط·آ¥ط¸â€ ط·ع¾ط¸â€ڑط·آ§ط¸â€‍ ط·آ¥ط¸â€‍ط¸â€° ط·آ§ط¸â€‍ط·آµط¸ظ¾ط·آ­ط·آ§ط·ع¾ :