"أتلانتيد"… القارة المفقودة !

عدد القراءات 2813
2003-03-09

بقلم : د.ريم منصور الأطرش

من منا لم يسمع بـ أتلانتيد ؟! تلك القارة الخرافية التي وجدت في العصور الغابرة، في المحيط الأطلسي، ليس بعيداً عن مضيق جبل طارق؛ ثم اختفت من الوجود بعد مضي فترة من الزمن على حياتها.

     كانت هذه القارة عامرة بالسكان الذين لا تنقصهم حدة الذكاء، فبنوا حياة متقدمة ومتطورة ساهمت في رخائهم. ثم أحسوا بقدراتهم العظيمة وباقتصادهم القوي. فبنوا قدرة عسكرية هائلة، وأصبحت هذه القارة منطقة مكتفية بخيراتها وبقدراتها العظيمة، ذات ترسانة عظيمة من السلاح المتطور في تلك العصور، فأخذت تتطلع إلى السيطرة على ما يحيط بها من أراضٍ، وبدأت تستخدم قوتها العسكرية تارة والاقتصادية تارة أخرى فحكمت البر والبحر من حولها وسيطرت على مقدرات الشعوب المجاورة والبعيدة.

     وعندما تفاقمت هذه الحالة من "العولمة" الاقتصادية والسيطرة على "منابع الخيرات" في كل العالم لصالح هذه القارة؛ وعندما قررت "الإدارة" التي حكمت هذه القارة بأن من لا يريد أن يرضخ لتحقيق مصالحها هي فقط، عليها أن تصب جام غضبها عليه باستخدام "أسلحتها المتطورة"، فمن ليس معها فهو ضدها، وبدأت فعلاً بهذا المشروع العدواني الواسع، في تلك اللحظة بالذات كانت بداية انهيارها وتفجر ترسانتها العظيمة، التي يمكن أن توازي ترسانة نووية في عصرنا هذا. ونتيجة هذا الدمار الذي حصل لهذه القارة، بدأت بالغرق في المحيط الأطلسي واختفت تماماً من الوجود بما حملته من شجر وحجر وبشر، فضاعت هذه القارة التي تسمى "أتلانتيد" في غياهب المحيط ولم تقم لها قائمة بعد ذلك!!!

     أليست أسطورة يمكن لنا اليوم التأمل فيها، بعد كل ما عانته الشعوب المستضعفة وما زالت تعاني منه، من جراء استبداد قارة أخرى، تقع في المحيط الأطلسي وتسيطر على مقدرات هذه الشعوب المستضعفة؟! فبعد كل ما جرى في فلسطين الحبيبة التي نزفت، وما زالت تنزف، نرى هذه القارة الأميركية المسماة بالولايات المتحدة الأميركية والواقعة أيضاً في المحيط الأطلسي ما زالت تستبد وتسلط على المستضعفين في الأرض المقدسة مخلبها المتوحش الشرس، الكيان الصهيوني. هذا الكيان الذي لم يحترم أي قواعد إنسانية في لعبة الحرب القذرة التي انغمس فيها، فقتل ودمر وعاث فساداً، وحاصر الناس وقام بتجويعهم وحصد أرواح الكثيرين بمجازر مروعة، ولم يحترم حرمة المساجد والكنائس، وقلع الأشجار وقتل الأطفال، ولم تسلم قطعان الماشية من وحشيته وغطرسته، وكل ذلك كان مصحوباً بضوء أخضر من الولايات المتحدة الأميركية وبصمت مخز من العرب، وبتحركات خجولة وجلة مستحية من المجتمع الدولي. حتى كنيسة المهد لم تسلم من هذا الدمار وكل ذلك، والشعب الفلسطيني صامد، صابر، مؤمن بحقه ووطنه وقضيته. وما زال شعب العراق الأبيّ صامداً وهو يتوقع الضربة الرهيبة، وكلنا، مجتمعين، لم نستطع رد «الفرعون» الأميركي الذي استضعفنا جميعاً، واستضعف إرادتنا، «فلم يجد من يرده». إلا أن شعوب العالم قاطبةً أعلنتها صراحةً في مسيراتها العظيمة،كلمة واحدة «لا للحرب، لا للتدمير»، إذ أنها وقفت صفاً واحداً إلى جانب البشري والإنساني فيها.

     فيا أيها الشعب العراقي البطل، كن أمثولةً في النضال وعلمنا البطولة في مواجهة «هولاكو» الأطلسي، المزود بأعتى صنوف الأسلحة والتكنولوجيا. ويا أيتها السماء كوني رحيمةً بهذا الشعب، وليندحر المغتصبون والحانقون على حضارة اثني عشر ألف عام، وليبق عراقنا صامداً، قوياً وموحداً، فهي ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها البوابة الشرقية المنيعة لأمتنا إلى هزة قوية من هذا النوع.. والعراق، «طائر الفينيق» يعود ليقوم وينفض عنه الرماد ويزدهر من جديد.. إذ أن للباطل جولة!

     ويا أيها الشعب الفلسطيني، اصبر واصمد، فإن الله والحق والناس مع الصابرين، وإن صمودك لمقاومة، ومقاومتك هي الحل الوحيد لنيل الحقوق.. ولك، يا أيها الشعب العظيم، بكل اتجاهاتك، مطلق الحرية في اختيار مقاومتك ونوعها وطريقتها وتوقيتها، فالمهم الإبقاء عليها، فهي التي ستجلب لك حريتك، وسينبع من لدنك في يوم ما نهر الحرية الذي سيجرف كل المتخاذلين.

     أما نحن، فعلينا إعادة النظر في حياتنا وتربيتنا كي نغذي في نفوسنا، من جديد، روح المقاومة والصمود والتحدي للظروف العصيبة التي لا بد وأننا سنواجهها يوماً ما كما واجهها الشعب الفلسطيني البطل، وكما سيواجهها شعبنا الصامد في العراق، «فعيننا يجب أن تقاوم المخرز»!

     ويا أيها الشعب العربي، بمسيحييه ومسلميه في منطقتنا الشامية، آن لنا جميعاً أن نعرف أننا «كلنا في الهم شرق»، وأن انتماءنا إلى مهد المسيحية والإسلام هو انتماء أصيل ينبع من تاريخ هذه الأرض الغنية بحضاراتها، والحل هو بقاؤنا فيها والتمسك بها وأعيننا عليها لا على الغرب..

     ويا أيها الاستعمار الاستيطاني الصهيوني، ويا أيها «التتار» المعتدون، ويا أيها المتخاذلون، نقول لكم، كما قلنا للفرنجة في العصور الوسطى: «آن أن تنصرفوا» فلن تكونوا من نسيج هذه الأرض، طال الزمان أم قصر، حتى ولو فرضتم علينا معاهدات سلام مزعوم.


اقرأ أيضاً

أنا... لا أدري!!!
" ظمئ الشرق.... فيا شام " ...... آه !!!
رسالة للسيد(ثاباتيرو) رئيس وزراء إسبانيا
رد السيد( ثاباتيرو)على رسالتي
سلطان باشا الأطرش .... عذراً
إذا أردت أن تطاع فسل ما يستطاع
دروس مسفوحة!
من قرطاجة إلى بغداد
متحف للأمم المتحدة
غزة حبيبتي

ط¸ظ¹ط¸â€¦ط¸ئ’ط¸â€ ط¸ئ’ ط·آ§ط¸â€‍ط·آ¥ط¸â€ ط·ع¾ط¸â€ڑط·آ§ط¸â€‍ ط·آ¥ط¸â€‍ط¸â€° ط·آ§ط¸â€‍ط·آµط¸ظ¾ط·آ­ط·آ§ط·ع¾ :