رسالة إلى منصور الأطرش

 

                                                        دمشق في 17 كانون الأول 2006‏

أبي الحبيب،

اشتقت إليك!‏
مضى شهر وبعض الوقت على غيابك ومازلتُ أشعر بأنك ستعود يوماً. وقد يمضي العمر وأنا لا ‏أزال أشعر بأنك ستعود يوماًً!‏
أحمد الله وأشكره أنني استطعت أن أكون قريبة منك ألازمك في فترة "مرضك"؛ اقتربتُ إلى حدّ ‏شعرت فيه بأنني عدت طفلة إلى جانبك، نلهو معاً لأعوّض ما فقدتُه حين لم تكن إلى جانبنا قسراًً، ‏أو طوعاًً... حين كنت للوطن، وللناس، كل الناس، إلى جانبهم ومن أجلهم...‏
‏ حتى في أشد أيام مرضك، وحين كنا نتابع معاً الحرب الصهيونية الغاشمة على لبنان الحبيب، لم ‏تمسك دموعك وأكدت على ضرورة استمرار المقاومة مهما كلّف الأمر، متمنياً أن تشفى بسرعة ‏كي تذهب لتنحني أمام قامة السيد حسن نصر الله رمز المقاومة العربية!‏
أتساءل الآن، هل كان نداؤك لي قبل تسع ساعات من رحيلك وداعاً؟. رغم أني، متأكدة بأنك لم ‏تنادني، إلاّ أنني مازلت حتى اليوم أسمعه يرنّ في أذنيّ...‏

‏ أعتزّ وأفخر بما قاله الناس عنك وفي رثائك... كانوا أوفياء وكانت كلماتهم صادقة ومعبرّة.‏
حين أتت البرقيات عبر "الفاكس"، وفي لحظة واحدة من المغرب العربي والبحرين، قلت لأمي: ‏‏"هذا وطننا العربي يرثيه من المحيط إلى الخليج"!‏
والآن، حين أقرأ خطك على أوراقك التي تركتها أشعر بقلمك الصادق الذي عبرّ، كما لسانك، عن ‏إيمانك بعقيدتك التي وهبتَ لها حياتك ولم تتزحزح عنها ولم تبدّل تبديلاً. أحار في أوراقك، من ‏أين أبدأ، ولكنني سأفي بوعدي لك، إن شاء الله، وسأكمل ما بدأناه سويةً!‏


أبي الحبيب،
افتقدناك جميعاً، أما أمي، رفيقة دربك، فما زالت دموعها لم تجف بعد، ولا أظنها ستفعل، إذ إنها ‏فقدت توأم روحها الذي كان وما يزال رمزاً للنبل والصدق والمحبة.‏
لقد علّمتمانا معاً حب هذا الوطن الكبير والإيمان بالأمة العربية ورسالتها الخالدة، وكان بيتنا وما ‏يزال يعيش شعار الثورة السورية الكبرى "الدين لله والوطن للجميع".‏
علمتمانا أن الله مقدس في السماء والوطن مقدس على الأرض! وكم أخشى على هذا الوطن بعد ‏رحيلك!!‏

أبي،
ارقدْ بسلام حيث أنت...‏
أما نحن، فسنبقى على العهد أوفياء ولن نبدّل تبديلاً. ‏
ودامت روحك ذخراً لنا.‏

ابنتـك ريــم