![]() عدد القراءات 1741 2016-03-27 بقلم : د. صادق فرعون حرير الروح "شآم" في يوميات الحب
27/3/2016
د صادق فرعون
تتحدث المؤلفة عن طريق الحرير منذ بداية القرن السادس قبل الميلاد. لم يكن مجرد طريق بل كان وصلاً وتواصلاً ورابطاً ما بين شعوب الأرض من أقصى شرق الصين وحتى بلدان الهلال الخصيب وما بعدها غرباً ولم تنطفئ شعلته حتى القرن الخامس عشر ميلادي. كان يتم تبادل الحرير والتوابل واللغات والموسيقى والمسرح والفن ما بين تلك البلدان. جالت "ريم" في معظم بقاع الشام، سوريا ولبنان، وبحثت ونقّبت وأنجزت دراستها واكتشافاتها، ومن بينها عثرت "ريم" على رؤى ويوميات تلك المخلوقة الشابة الملائكية "شآم" التي حكت لنا عن يوميات الفترة ما بين 1920 و 1925..وهي تعود بنا بذاكرتها إلى الأحداث الدامية والمأساوية التي حدثت في دمشق العام 1860... تعود للبدء مع حكاية دودة القزّ وولادتها في الصين في الألف الثالثة ق. م . أميرة صينية أحبت أميراً هندياً، فظهر الحرير في الهند ومنها شاع سر الحرير حتى بلغ حوض البحر الأبيض المتوسط في العام 555م واشتهرت مدن عديدة بتربيته وصنعه وغزله وصبغه ، منها تدمر وأنطاكيا وصور ودمشق وسفوح لبنان وفلسطين بأوابدها: بيت لحم والقدس وتتحدث عن تعانق الدينين المسيحي والإسلامي تحت راية الحب. هناك أمر عجيب وغريب ونبيل وإنساني في قصة الحرير مع أن إنسان اليوم قد فقد وتناسى كل صلة بهذه الصفة النبيلة بعدما أماتتها مادية إنسان اليوم الشديدة.
تدوم حياة دودة القز قرابة شهرين وتمر بأربع مراحل. تنهي دودة القز مسيرة حياتها بعدما أدت وأنهتْ كل وظائفها وواجباتها.
هنا تبدأ مذكرات "شآم" في 31 تموز 1920 مع معركة ميسلون واستشهاد البطل يوسف العظمة... ثم ترجع بنا إلى تموز 1860 حينما حدثت "الطوشة" وانتشرت حوادث القتل على الهوية واستشهد "أبو شآم" وهو يدافع عن جاره "الخواجة جريس"، فدفنا معاً وكانا رمزاً للأخوة الإنسانية والعربية التي لا تفرق الناس بحسب معتقداتهم الدينية. تعود "ريم" لتروي قصة حياة دودة القز لتذكّرنا بأن الدودة تبدأ بإفراز الخيط حولها لتدفن نفسها في رمسها الحريري، وهي في ذلك لا تقوم بانتحار بل بفداء، لكي تكون نهاية حياتها مفيدة جداً لنا نحن البشر ولكي تؤمّن دخلاً إضافياً لصاحبها الإنسان الجاحد في غالب الأحيان. بعدها، تروي شآم كيف زارهم "سمعان" ابن الخواجة جريس وكيف ظللهما حبٌ صامت وروحي وكيف أخبرها أنه قرر أن يلتحق بالسلك الكنسي. سيذهب إلى بيروت ومنها إلى اليونان ليعيش في دير في أعالي جبل آثوس؟
عودة إلى الحرير وقصة ترحاله وانتشاره. يقال إن أحد الفرنجة أخذ غرسة شجرة توت سورية وزرعها في جنوب فرنسا في العام 1147 ... وهكذا عرف جنوب فرنسا التوت ودودة القز والحرير الطبيعي... ربما أن الحرير الطبيعي المنتج في سوريا هو الذي أثّر على تجارته وصنعه في فرنسا وهو الذي دفع هؤلاء الفرنسيين لإيقاظ النعرات الطائفية وتشجيع الرعاع على القيام بتلك المجزرة المخيفة التي حدثت في العام 1860 بهدف تخريب وإنهاء صناعة الحرير في سوريا.
تعود بنا "ريم" إلى روايتها وأحلامها عبر السنين والقرون، فتذكر لنا أنها وجدت مجموعة من الأوراق القديمة في مركز الوثائق التاريخية في دمشق، في أثناء بحثها عن كل ما يتعلق بالحرير وبأحداث الشام خلال العصور، فإذا بها تقرأ مذكرات "شآم"، فروَتها لنا في كتيبها الممتع والشيق والرفيع.
أطيب الشكر للدكتور ريم منصور سلطان باشا الأطرش على مؤلَّفها الممتع والقيّم والذي أعتقد أن على كل إنسان عربي أن يطالعه ويستمتع بأحداثه وخيالاته السحرية.
اقرأ أيضاً
|