عدد القراءات 2305 2015-06-22 بقلم : ثائر منصور سلطان الأطرش أيها الإخوة في جبل العرب الأشمّ، ويا أبناء سوريا الأبيّة،
إن الأحداث في سوريا الحبيبة تشتد سوءاً، فيد المؤامرة امتدّت لتشمل جبل العرب، أكثر المحافظات هدوءاً واستقراراً، لتنال من تماسكها ووحدتها ومن علاقة حُسن الجوار مع المحافظات الأخرى.
لقد حقّق السوريون الاستقلال، بتضافر جهودهم، على اختلاف أطيافهم الدينية والاجتماعية والسياسية.
واليوم، ومع اشتداد حدّة الصراع، فإن سوريا واحدة باتحاد كل أقسامها الإدارية وأطيافها الاجتماعية، تحت راية واحدة هي راية السلام والوحدة والاتحاد.
لم تواجه سوريا عَبر تاريخها تهديداً يماثل هذا التهديد، فأيدي الشرّ تعبث لتصنع الفرقة بين المكوّنات جميعاً بتأجيج النزاعات المسلّحة.
لم يحدثْ أنْ تصارَعَ السوريون عَبر تاريخهم إلا مع عدوّهم المشترك، المستعمِر والمحتلّ بكلّ تسمياته، وآخرهم وأخطرهم هو العدو الصهيوني الذي يجب أن نتوجّه إليه لمقارعته، تحريراً للأرض وصوناً للحرية والكرامة، فليس لنا عدو نصارعه إلا هذا العدو.
أما وقد انفلتتْ الأمور من عقالها وتمّ الولوج إلى المحظورات بتجاوز المسلّمات الوطنية والقومية، والاعتداء عليها في محاولة للقضاء على الوطن السوري، الذي بفنائه، لا سمح الله، فناء للأمة جمعاء، فقد رأينا أن نتوجّه إلى أهلنا في جبل العرب، بل إلى أهلنا في سوريا بصورة عامة، بنداء من القلب والوجدان وبكل الثقة في وطنيّتهم وعروبتهم، ندعوهم فيه إلى التحاور والتشاور بكرامة وحُسن نيّة، وإلى التجاور بسلام ومحبة ووئام.
أيها الإخوة في جبل العرب الأشمّ،
إن التمسّك بالثوابت الوطنية أمر لازم وحاجة ضرورية وواجبة لبقائنا واستمرار كينونتنا وكينونة سوريا؛ ولنا من تاريخنا العريق ما يشهد لنا به العدو قبل الصديق.
أما هذه الثوابت، فهي متجلّية بالآتي:
1- تمسّكنا بقوّة بالشراكة الوطنية وبوحدة المصالح والأهداف تحت راية الوطن العربي السوري، متبنّين الشعار الذي رفعه القائد العام للثورة السورية الكبرى، سلطان باشا الأطرش، ألا وهو "الدين لله والوطن للجميع"، فليس بيننا خصومة ولا عداوة، طالما أن العقيدة واحدة والدين واحد وكتاب الله واحد.
2- إننا نعلن أن المسلمين الموحّدين لم يكونوا عَبر تاريخهم قبيل شر، فلم يعتدوا على أحد، وما قبِلوا الاعتداء عليهم، ولم يُطأطئوا الرأس لظالم غاشم أو مُعتَدٍ جائر... فحذارِ من الاعتداء عليهم... فهم لن يسمحوا لأحد بذلك، وسيصدّون كل اعتداء بقوة وحزم.
3- إن الضامن الأكيد لأمن وسلامة الموحّدين هو جهدهم الذاتي... وأما القول بحماية أجنبية لهم، فهو قول سفيه وأمره مرفوض، والتسويق والدعوة له خيانة... فهم لا يطلبون الحماية من أحد غريب، ولا سيما من العدو التاريخي لهم ولأمتهم. فهذه مسؤولية الدولة وهم، مع دولتهم، يتّكلون على الله وعليها وعلى أنفسهم، وقد ألِفوا ذلك واعتادوه عبر تاريخهم لدرء كل خطر. وعليه، فلكل قرية وبلدة ومدينة أن تستنفر أهلها، من كافة الأطياف السياسية والاجتماعية والدينية، ليقفوا سدّاً منيعاً في وجه أي مُعتدٍ خارجي أو إرهاب داخلي.
4- إنّ بين ظهرانينا أبناءً لنا وإخوةً من كل المناطق السوريّة، لجأوا إلينا بعد أنْ ضاقت بهم أماكن عيشهم، فهؤلاء أمانة في أعناقنا؛ فكما أحسنّا وفادتهم وفتحنا لهم بيوتنا، سنحفظ لهم أمنهم وسلامتهم، فهم أهل لنا وضيوف علينا، ينعمون بالسلام والأمان بيننا، طالما أنهم لم يعتدوا علينا ولم يكونوا شركاء في أي اعتداء.
5- إنّ الاختلاف العقائدي والأيديولوجي والاختلاف الديني والمذهبي، سواء في مجتمعنا الضيّق أو في المجتمع السوري الأوسع، هو تنوّع حضاري يجب أن نحافظ عليه، ففيه غنىً لنا وللوطن، ولا يجوز أن يكون سبباً للتفرقة والتناحر.
6- إنّ في جبل العرب مؤسسات حكومية رسمية، هي ملك للشعب، وينبغي الحفاظ عليها وحمايتها من التعدّي عليها، والضرب بيد من حديد لكل مَنْ تسوّل له نفسه ذلك.
7- إنّ الدفاع عن أمتنا وسلامنا ووجودنا، وعن أعراضنا وأرزاقنا، لا يمكن أن يُعاب علينا. لذلك، ندعوكم للتشبّث بالأرض والبقاء فيها وعدم هجرها والذود عنها، ففيها عزّتنا وكرامتنا. وفي هذا السياق، فإننا نقول لأهلنا في جبل السمّاق: هذه محنة شديدة نمرّ بها جميعاً، وصمودكم في أرضكم، مهما كانت شدّة المحنة، هو الرجاء والخلاص... ونحن، إذ نُدين المجزرة التي حصلت لإخوتنا في قلب لوزة، لا نعتبرها أبداً حادثاً فردياً كما أرادها البعض، بل هي مقصودة لدفعكم إلى ترك أرضكم ومغادرة البلاد. فاصبروا وصابروا، فإنّ بعد الضيق الفَرَج... كذلك نقول لأهلنا في حضَر: أنتم خبرتم العدو الصهيوني وخططه ومشاريعه لفصل الموحّدين عن وطنهم الأم سوريا... فتشبّثوا بأرضكم وهويتكم، ودافعوا عنهما، ولكم في أهلنا في مجدل شمس خير مثال.
8- أما شبابنا المتخلّفون عن الالتحاق بالخدمة العسكرية، فنتوجّه إليهم من أحفاد سلطان لنقول لهم: متى كان أجدادكم ورفاق سلطان يتأخّرون عن أداء الواجب الوطني؟! لقد كانوا دائماً في طليعة المدافعين عن الوطن في كل معارك الشرف التي خاضها الجيش الوطني عَبر تاريخه. إنّ دماء الشهداء تناديكم، فكونوا خير خَلَف لخير سَلَف. وأما للجيش العربي السوري، فندعوه للصمود في مواقعه دفاعاً عن الأرض والعِرض، فمعه، في جبل العرب، جبهة داخلية تدعمه، ومعركة مطار الثعلة خير مثال... كما ندعو كافة الفصائل المسلّحة، على ساحة المحافظة قاطبةً، إلى الانضواء تحت راية العَلَم الوطني السوري، فالوقت هو وقت توحيد الجهود للحفاظ على الوجود.
أيها الإخوة المسلمون الموحّدون،
لقد تعوّدتم التضحيات من أجل سوريا ووحدتها ومن أجل العروبة وقضيتها، فلا تجرّكم المؤامرة إلى أتونها، ولا تدَعوا أحداً يجرّكم إليها. فتاريخكم تاريخ مقاوِم، حيثما وُجِدتم في سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، فلا تنزلقوا إلى ما يريده لكم العدو ومَنْ يقف معه، وارفعوا الراية الوطنية العروبية، راية الوحدة والمواطَنة والسلام؛ وأعيدوا إحياء "الكفر والمزرعة" وغيرها في أذهان السوريين جميعهم، فجبل العرب، كان وسيبقى هو بوصلة التوجّه العروبي لكلّ المسلمين الموحّدين في العالم.
والله من وراء القصد.
القريّا – جبل العرب.
ثائر منصور سلطان الأطرش
اقرأ أيضاً
|