الإصلاح في سوريا ومقالات أخرى - إعداد د. ريم منصور الأطرش ( بيروت - دار الفرات 2014)

عدد القراءات 2164
2014-06-00

بقلم : منصور سلطان الأطرش

توطئة
3 شباط/فبراير 2012
أبي الحبيب،
 
اليوم هو ميلادك السابع والثمانون، وها أنا أنهي كل ما وعدتُكَ به خلال فترة ليست طويلة.
وها أنا اليوم أكتب هذه التوطئة للجزء الثالث من أوراقكَ وقد اخترتُ له العنوان التالي: "الإصلاح في سوريا ومقالات أخرى."
وهذه هي المرة الأولى التي أختارُ فيها عنواناً لكتابٍ لك. فالمذكرات صدرت بعنوان اخترتَه بنفسك: "الجيل المُدان"[1]؛ والجزء الثاني من أوراقكَ الذي أعددتُه، كنتَ أنتَ مَن اخترتَ له عنوان "في سبيل العراق"[2].
لماذا اخترتُ أنا هذا العنوان؟! لأن معظم ما كتبتَه من مقالات ورسائل وخطابات وحوارات وبيانات كان من أجل أن تساهم في الإصلاح في سوريا على كافة الأصعدة، فأنتَ آمنتَ بذلك حتى آخر رمق! وعملتَ في سبيله ما أملاه عليكَ ضميرك وواجبك.
ولذلك فإني سأترك لك أن تخطّ "التمهيد" بنفسك لهذا الكتاب! كيف؟ لقد وجدتُ بين أوراقك مقالة بلا عنوان وغير مكتملة ولكنها تتحدث عما نحتاج إليه اليوم، في العام 2012 وفي هذه المحنة الوجودية التي تمر بها سوريا، رغم أنك كنتَ قد كتبتها في العام 2005!
لذلك، حين نقرأ جميعاً هذا الجزء، سوف نردد مع الشاعر أبي فراس الحمداني البيت الذي يقول:
 
          سيذكرني قومي إذا جدّ جدّهم                     وفي الليلة الظلماء يُفتَقَد البدرُ
 
ولنعُدْ إلى هذا الكتاب الذي أضعه بين أيدي القرّاء وبين يديك... وهو مؤلَّف من مقالات ورسائل وخطابات وحوارات وبيانات ودراسات ورثاء وشطحات أدبية وقصصية...إلخ.
ارتأيتُ تقسيمه إلى خمسة ملفّات، سوف أرتبُها على الشكل التالي:
 
أولاً:      الإصلاح في سوريا: السياسة العربية –  الديمقراطية –  الحرية –  الوحدة - الحوار.
 
ثانياً:       القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي.
ثالثاً:       لبنان: أمس واليوم.
رابعاً:     آراء في بعض من أمور المعتقدات وأثرها على الأمة.
خامساً:   مساهمات و وجدانيات وخواطر.
 
طبعاً، وكالمعتاد، قمتُ بقراءة كل ما ورد في هذا الكتاب -  وقد كان أوراقاً مبعثرة هنا وهناك - فنقّحتُه وضبطتُه، وخاصة في ما يخص الشواهد القرآنية، وجمعتُه حسب الموضوعات وقسّمتُه إلى خمسة ملفّات، كما سبق وذكرتُ. كما قمتُ بدور "الرقيب" بمساعدة أمي؛  وصدقني يا أبي، كنتُ أحزن وأغضب حين أُضطرُ لتأجيل مقالاتٍ أو حذف بعض الجُمل منها، ووضع ثلاث نقاط بين قوسين بدلاً عنها (...). فقد وجدتُني في حيرة من أمري أمام مقالات رائعة بوضوحها وصدقها وهدوئها في اختيار حلول تضمن مصلحة الوطن وتعبّر عن فكرك المتنوّر وأسلوبك الهادئ في الحوار وحكمتك في معالجة الأمور، صغيرها وكبيرها. إلا أنني مع ذلك اضطررتُ لممارسة دور "الرقيب المُحِبّ"، عملاً بقول الشاعر الأخطل الصغير -  مع الفارق في المعنى المقصود من شعره -  حين قال:
 
          يبكي ويضحك لا حزناً ولا فرحا                  كعاشق خطّ سطراً في الهوى ومحا
 
أما ترتيب هذا الكتاب، فقد كان ترتيباً موضوعياً وتاريخياً، إذ إنني قمتُ به بحسب الأهمية التي قدّرتُها:
فالإصلاح الشامل في سوريا كان هاجسك الأول وكنت تريد له أن يتم بهدوء وباعتماد مبدأ الحوار، إذ تقول في هذا الصدد: "... وأنّى لسوريا أن تأخذ دور الريادة في حماية الرأي الحر والديمقراطية والالتزام القومي والإنجاز النهضوي إذا لم يكن سبيلها إلى كل ذلك الحوار الذي ينفي الإرهاب الفكري كما ينفي الإرهاب الجسدي!... نختصر القول بأن الحوار الحر هو وسيلة الخيار الديمقراطي. الحوار الحر يغنينا عن العنف و ويلاته... الحوار وسيلة فعّالة لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء العاملين في الشأن العام، والالتزام بقواعده ونتائجه دليل رسوخ الديمقراطية في الحياة العامة". ولذلك كنت بصدد التحضير لمؤتمر برئاستك، علني وبعلم الجميع، من أجل الحوار الوطني لخير سوريا.
هذا ما خطته أناملك منذ سنوات وسنوات، وهذا ما كنت تنشده؛ فما أشد حاجتنا إليه اليوم يا أبي! 
والقضية الفلسطينية أمر أساسي وهام وهي ما زالت القضية المركزية بالنسبة لك وما زلتَ تستشرف مستقبلها وتتنبأ به؛ وكنتَ تردد بأن "حفنة من تراب القدس والمسجد الأقصى توازي الأراضي السليبة، وبأن عودة الجولان إلى سوريا، والقدس غير عربية، أمر يبقى منقوصاً"!
كما أنك كنت داعماً للمقاومة، ومؤمناً بها في سبيل استرجاع الحق السليب؛ وأذكر هنا أنك حضرتَ حرب تموز 2006 على لبنان الحبيب على وسائل الإعلام وكنت في مرضك الأخير، فقلت لي بأنك، وحال شفائك، سوف تذهب لتنحني أمام قامة سماحة السيد حسن نصر الله، قائد المقاومة.
وثالثاً، ملفّ لبنان الذي أخذ جزءاً كبيراً من وقتكَ وتفكيركَ واهتمامكَ.
ورابعاً، وضعتُ آراءكَ في بعض الأمور التي تتعلّق بالمعتقدات الدينية وأثرها على الأمة. وأخيراً، جاء ملفّ مساهمات و وجدانيات وخواطر، وهو يحوي من روحكَ وفكرك وأَلَقِكَ الكثير الكثير!
 
أرجو، يا أبي، أن ترضى عن هذا الترتيب، وأن أكون قد وفيتُ لك بوعدي: "فوعد الحرّ دَيْن عليه"، وأنا أزيد على ذلك فأقول: " إنه دَيْن يُثقل كاهله" !!
                                                                                           ابنتك ريم


[1] الجيل المُدان: سيرة ذاتية لمنصور سلطان الأطرش، إعداد د. ريم منصور الأطرش، بيروت، دار رياض الريس، 2008 .
[2] في سبيل العراق: مقالات، رسائل، خطابات، بيانات وحوارات مع وبقلم منصور الأطرش: الجزء الثاني من أوراق منصور سلطان الأطرش، إعداد د. ريم منصور الأطرش، بيروت، دار الفرات، 2010 .

اقرأ أيضاً

في سبيل العراق: مقالات، رسائل، خطابات، بيانات وحوارات - إعداد د. ريم منصور الأطرش (بيروت - دار الفرات 2010)
الجيل المُدان: سيرة ذاتية ( إعداد د. ريم منصور الأطرش): دار الريس - 2008
كتب منصور الأطرش :‏